الدخول المدرسي بالمغرب 2025-2026: خارطة طريق، إصلاحات، وتحديات
دخول مدرسي 2025-2026.. بين المستجدات الطموحة والتحديات الواقعية
يُعد الدخول المدرسي في المملكة المغربية محطة سنوية محورية، لا تقتصر على مجرد عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، بل هي فرصة لتجديد الآمال، واستعراض الإنجازات، وتفعيل البرامج الإصلاحية. إن موسم 2025-2026 يأتي في سياق يطبعه التحول والتجديد، حيث تتفاعل فيه المستجدات على صعيد الأجندة الزمنية، والمقاربات التربوية، وآليات الدعم الاجتماعي. يهدف هذا التقرير إلى تقديم دليل شامل ومفصل لأولياء الأمور، التلاميذ، والأطر التربوية، من خلال استعراض أهم المستجدات والإجراءات، وتحليل تأثيراتها المحتملة على مسار السنة الدراسية المقبلة.
سيتناول هذا التحليل أربعة محاور رئيسية: أولاً، تفكيك الأجندة الزمنية الرسمية للعودة إلى المدارس مع توضيح التواريخ المتضاربة. ثانياً، استعراض البرامج الإصلاحية الجارية، وعلى رأسها مشروع "مؤسسات الريادة" ومنهجية "TaRL". ثالثاً، تسليط الضوء على آليات الدعم الاجتماعي الجديدة، بما في ذلك المنحة الاستثنائية التي حلت محل مبادرة "المليون محفظة" ومقارنتها بتكاليف الدخول المدرسي. رابعاً، تقديم دليل شامل للإجراءات الإدارية المتعلقة بتسجيل التلاميذ الجدد وانتقالهم.
المحور الأول: الأجندة الزمنية: خارطة طريق العودة إلى المدارس
تعتبر الأجندة الزمنية للدخول المدرسي من أهم النقاط التي تثير اهتمام الأسر والأطر التعليمية. للعام الدراسي 2025-2026، وردت تواريخ متعددة لانطلاق الموسم، مما استدعى تحليلها لتقديم رؤية واضحة. تشير مجموعة من المصادر إلى انطلاقة تدريجية ومنظمة لانطلاق الموسم الدراسي، بينما تشير مصادر أخرى إلى تواريخ موحدة ومتأخرة.
1.1. التواريخ الرسمية: تفصيل زمني لانطلاق الموسم الدراسي
وفقاً للمقرر الوزاري، الذي يتبنى نهجاً تنظيمياً لضمان انطلاقة سلسة، يتم التحاق التلاميذ بالمؤسسات التعليمية بشكل تدريجي. تشمل هذه الأجندة المنهجية ما يلي:
يوم الثلاثاء 2 شتنبر 2025: يلتحق تلاميذ التعليم الأولي بمستوييه، والسنة الأولى والثانية من سلك التعليم الابتدائي، بالإضافة إلى السنة الأولى من سلك التعليم الثانوي الإعدادي، والجذع المشترك من سلك التعليم الثانوي التأهيلي.
يوم الأربعاء 3 شتنبر 2025: يلتحق تلاميذ السنة الثالثة والرابعة من سلك التعليم الابتدائي، والسنة الثانية من التعليم الثانوي الإعدادي، والسنة الأولى بكالوريا.
يوم الخميس 4 شتنبر 2025: يلتحق تلاميذ السنة الخامسة والسادسة من سلك التعليم الابتدائي، والسنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي، والسنة الثانية بكالوريا.
في المقابل، أشارت بعض المصادر إلى تواريخ مختلفة ومتأخرة لدخول جميع الفئات، حيث تم تحديد يوم 7 شتنبر 2025 لدخول الإداريين، و14 شتنبر 2025 للأساتذة، و21 شتنبر 2025 للتلاميذ.
إن اعتماد منهجية الالتحاق التدريجي بدلاً من العودة الجماعية يمثل تحولاً إدارياً مهماً يهدف إلى تقليل الضغط على المؤسسات التعليمية في الأيام الأولى، مما يتيح للأطر الإدارية والتربوية تهيئة الظروف المناسبة لاستقبال التلاميذ وضمان بداية منظمة للموسم الدراسي.
1.2. الانطلاق الفعلي والإلزامي للدراسة
على الرغم من التواريخ التدريجية لالتحاق التلاميذ، فإن الانطلاقة الفعلية والإلزامية للدراسة بالنسبة للتعليم الأولي وأسلاك التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي محددة بشكل واضح. سينطلق التعليم بشكل إلزامي لجميع المستويات يوم الإثنين 8 شتنبر 2025.
يوضح الجدول التالي الأجندة الزمنية الرسمية للموسم الدراسي 2025-2026:
الفئة / السلك الدراسي | تاريخ الالتحاق |
الإداريون | 7 شتنبر 2025 |
الأساتذة | 14 شتنبر 2025 |
تلاميذ التعليم الأولي، 1 و2 ابتدائي، 1 إعدادي، جذع مشترك | الثلاثاء 2 شتنبر 2025 |
تلاميذ 3 و4 ابتدائي، 2 إعدادي، 1 بكالوريا | الأربعاء 3 شتنبر 2025 |
تلاميذ 5 و6 ابتدائي، 3 إعدادي، 2 بكالوريا | الخميس 4 شتنبر 2025 |
الانطلاق الفعلي والإلزامي (جميع المستويات) | الإثنين 8 شتنبر 2025 |
أقسام التمدرس الاستدراكي وأقسام الفرصة الثانية | الإثنين 6 أكتوبر 2025 |
المحور الثاني: على درب الإصلاح: "مؤسسات الريادة" كنموذج للمدرسة العمومية
لم يعد الدخول المدرسي مجرد عملية روتينية، بل أصبح محطة لتقييم مدى تقدم البرامج الإصلاحية وتوسيعها. يعتبر برنامج "مؤسسات الريادة" الركيزة الأساسية لخارطة الطريق لإصلاح التعليم 2022-2026، والتي تهدف إلى بناء "مدرسة المستقبل" ذات جودة وإنصاف.
2.1. رؤية الإصلاح: من خارطة الطريق إلى الواقع الميداني
تستند خارطة الطريق لإصلاح التعليم 2022-2026 إلى أحكام القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين.
خفض نسبة الهدر المدرسي بثلث واحد.
رفع معدل تمكن المتعلمين من الكفايات الأساسية من 30% إلى 70%.
مضاعفة عدد المستفيدين من الأنشطة المندمجة.
يشكل هذا الإطار المرجعي الأساس الذي تُبنى عليه جميع المبادرات، وفي مقدمتها مشروع "مؤسسات الريادة"، الذي يركز على الطالب، والمعلم، والمدرسة.
2.2. "مؤسسات الريادة": توسيع وتعميم التجربة
بعد النتائج الواعدة التي حققها النموذج التجريبي، قررت وزارة التربية الوطنية توسيع نطاق برنامج "مؤسسات الريادة" ليشمل عدداً أكبر من المؤسسات التعليمية.
إن هذا التوسع السريع يأتي مدفوعاً بالنتائج الملموسة التي أظهرتها التجربة، حيث أكدت المصادر أن التلاميذ في هذه المؤسسات حققوا تحسناً ملحوظاً في إتقان المهارات الأساسية في اللغة العربية، والفرنسية، والرياضيات، مما يعادل استعادة سنة إلى سنتين من التعلم.
ومن جانب آخر، تم ربط الانخراط في هذا البرنامج بحوافز مادية للأطر التربوية. فقد نص اتفاق 14 يناير 2023 بين الحكومة والنقابات التعليمية على استفادة الفرق التربوية المشاركة من تحفيز مادي فردي يبلغ 10,000 درهم سنوياً.
2.3. منهجية "TaRL": مقاربة تربوية رائدة لمواجهة التعثرات
تعتبر منهجية "TaRL" (Teaching at the Right Level)، أو "التدريس بالمستوى المناسب"، أحد الأدوات الرئيسية التي يتم اعتمادها في "مؤسسات الريادة" لمواجهة صعوبات التعلم.
يتم بعد ذلك تصميم أنشطة تعليمية موجهة تتناسب مع احتياجات كل مجموعة، مما يضمن أن يبدأ التعلم من المستوى الحقيقي للمتعلم.
المحور الثالث: تخفيف الأعباء: الدعم الاجتماعي المباشر يحل محل "المليون محفظة"
يظل الجانب المادي من الدخول المدرسي أحد أكبر التحديات التي تواجه الأسر المغربية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف اللوازم المدرسية. وفي سياق الجهود المبذولة للتخفيف من هذه الأعباء، أعلنت الحكومة عن تغيير جذري في آليات الدعم.
3.1. التكاليف المادية: ارتفاع أسعار اللوازم المدرسية
تشير المعطيات المتوفرة إلى أن أسعار اللوازم المدرسية تشهد ارتفاعاً ملحوظاً.
يعود سبب هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى زيادة تكاليف الاستيراد وارتفاع أسعار المواد الخام مثل الورق والبلاستيك، حيث ارتفع سعر الورق وحده بنسبة 12% منذ يناير 2024.
3.2. الدعم الحكومي: تفاصيل المنحة الاستثنائية الجديدة
لمواجهة هذه التكاليف، أقرت الحكومة دعماً إضافياً استثنائياً يُصرف للأسر المستفيدة من "نظام الدعم الاجتماعي المباشر".
قيمة هذا الدعم موحدة وتُصرف لمرة واحدة في شهر شتنبر من كل عام.
200 درهم لكل طفل متمدرس في السلك الابتدائي أو الإعدادي.
300 درهم لكل طفل متمدرس في السلك الثانوي التأهيلي.
تقتصر الاستفادة من هذا الدعم على الأسر المسجلة في "السجل الاجتماعي الموحد" (RSU) والتي تستوفي شروط الأهلية المحددة.
يوضح الجدول التالي تفاصيل الدعم المالي الإضافي المخصص للدخول المدرسي:
السلك الدراسي | قيمة الدعم لكل طفل | موعد الصرف | شروط الاستفادة |
ابتدائي وإعدادي | 200 درهم | مرة واحدة في شهر شتنبر | الاستفادة للأسر المسجلة في نظام "الدعم الاجتماعي المباشر" وتستوفي شروط "السجل الاجتماعي الموحد" |
ثانوي تأهيلي | 300 درهم | مرة واحدة في شهر شتنبر | الاستفادة للأسر المسجلة في نظام "الدعم الاجتماعي المباشر" وتستوفي شروط "السجل الاجتماعي الموحد" |
3.3. تحليل الأثر: كيف يساهم الدعم المباشر في مواجهة التكاليف؟
يمثل التحول من الدعم العيني (مبادرة مليون محفظة) إلى الدعم النقدي المباشر توجهاً حكومياً نحو تمكين الأسر، حيث يمنحها حرية أكبر في اختيار وشراء اللوازم المدرسية التي تناسب احتياجات أبنائها، ويقلل من الهدر الإداري.
المحور الرابع: الإجراءات الإدارية: دليل شامل للتسجيل والانتقال
تعتبر الإجراءات الإدارية للتسجيل والانتقال من الأمور الحيوية التي تسبق انطلاق الموسم الدراسي. للعام 2025-2026، تتجه المنظومة التعليمية نحو رقمنة جزء كبير من هذه الإجراءات، مع الاحتفاظ ببعض المتطلبات التقليدية.
4.1. تسجيل التلاميذ الجدد: خطوات رقمية مبسطة
أعلنت وزارة التربية الوطنية عن إطلاق عملية تسجيل التلاميذ الجدد بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي عبر منصة "مسار" الرقمية.
الدخول إلى المنصة عبر الرابط الرسمي لمنظومة "مسار".
اختيار المؤسسة التعليمية الأقرب إلى محل السكن.
إدخال المعطيات الشخصية للتلميذ وبيانات الحالة المدنية الخاصة بالطفل.
الموافقة على الشروط والأحكام، ثم الضغط على "حفظ الطلب" لإتمام التسجيل.
على الرغم من التحول الرقمي، لا تزال العملية تتميز بطابع "هجين"، حيث يُطلب من أولياء الأمور بعد إتمام التسجيل الإلكتروني التوجه إلى المؤسسة المختارة لتقديم وثائق ورقية مثل الملف البرتقالي ووصل التسجيل القبلي المستخرج من منصة "مسار".
4.2. الانتقالات المدرسية: شروط ومعايير تنظيمية
تتم عمليات الانتقال المدرسي وفقاً لشروط ومعايير محددة، ينظمها المقرر الوزاري رقم 063×25 الصادر بتاريخ 26 يونيو 2025.
تختلف الوثائق المطلوبة بحسب نوع الانتقال
الانتقال من التعليم الخاص إلى التعليم العمومي: يتطلب تقديم شهادة المغادرة ونتيجة الدورة الثانية للعام الدراسي 2024-2025.
الانتقال بين مؤسسات التعليم العمومي: يتطلب تقديم شهادة السكنى ونتيجة الدورة الثانية للعام الدراسي 2024-2025.
تم تحديد مواعيد نهائية لهذه العمليات، حيث يجب على المديريات الإقليمية الانتهاء من الحركات الانتقالية المحلية والإعلان عن نتائجها قبل الأسبوع الأول من شهر شتنبر 2025.
توصيات وتحليلات لضمان انطلاقة مدرسية ناجحة
يشكل الدخول المدرسي 2025-2026 لحظة حاسمة في مسار الإصلاح التعليمي بالمغرب، حيث تتجلى ملامح التحول نحو منظومة أكثر جودة وإنصافاً. يتميز هذا الموسم بأجندة زمنية تدريجية ومنظمة، وتوسيع نطاق برامج إصلاحية نوعية مثل "مؤسسات الريادة" ومنهجية "TaRL" التي تركز على معالجة فقر التعلمات. كما يشهد الموسم تحولاً في آليات الدعم الاجتماعي، من الدعم العيني إلى الدعم النقدي المباشر، الموجه عبر "السجل الاجتماعي الموحد". وعلى الصعيد الإداري، تستمر جهود رقمنة الإجراءات عبر منصة "مسار"، رغم بقاء بعض الإجراءات الورقية.
لضمان انطلاقة مدرسية ناجحة، يُنصح الأسر بالاستعداد المبكر، خاصة فيما يتعلق بمسائل التسجيل والانتقال، والتحقق من وضعية تسجيلهم في "السجل الاجتماعي الموحد" للاستفادة من الدعم المالي الإضافي. كما يُنصح بالتخطيط للميزانية المدرسية في ظل الارتفاع الملحوظ في الأسعار.
إن المبادرات الجارية تؤشر على رؤية استراتيجية بعيدة المدى، حيث لا يقتصر الإصلاح على تغيير المناهج، بل يمتد ليشمل آليات التدريس، وتحفيز الأطر التربوية، وتقديم الدعم الاجتماعي، بهدف تحقيق تكافؤ الفرص ومكافحة الهدر المدرسي. هذه المقاربة المتكاملة، التي تربط بين التعليم والدعم الاجتماعي، تعكس إدراكاً عميقاً للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على جودة التعليم، وتضع الأساس لنظام تعليمي قادر على تحقيق طموحات "مدرسة الجودة" في المستقبل.